تأثير التدخين

تأثير التدخين على الصحة: الأضرار والأمراض المرتبطة به

يُعد التدخين من أخطر العادات التي تؤثر بشكل سلبي على الصحة العامة، تأثير التدخين على الجسم يُعد بالغ السوء حيث يُشكل تهديدًا مباشرًا للعديد من الأعضاء الحيوية في الجسم، حيث لا تقتصر أضرار التدخين على الأمراض الرئوية فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل الأجزاء الحيوية الأخرى من الجهاز التنفسي مثل الأنف والأذن والحنجرة، فعند استنشاق الدخان، تتعرض هذه الأجزاء لعدد من الأضرار الصحية التي قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل التهابات مزمنة وفقدان القدرة على السمع أو مشاكل في التنفس قد تزداد خطورتها مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أنه يتسبب في تلف الأنسجة وتدهور وظائف هذه الأعضاء، لذلك تُحذر عيادات الأنف والأذن والحنجرة في كافة أنحاء العالم على خطورة التدخين وآثاره الضارة، والتي تشمل زيادة خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان والأمراض المتعلقة بالأنف والأذن والحنجرة.

في هذا المقال سنستعرض أضرار التدخين على الأنف والأذن والحنجرة، وسنلقي الضوء على الآثار السلبية التي قد يعاني منها المدخن على مدار السنوات نتيجة لتأثير التدخين المستمر.

ما هو النيكوتين الطبيعي؟

قبل أن نبدأ في سرد تأثير التدخين على أجهزة السمع والتنفس والبلع، دعنا نكشف لك ما هو النيكوتين الذي يعد العنصر الرئيسي في صناعة السجائر. النيكوتين هو مركب كيميائي يُنتج شكل طبيعي في بعض النباتات، يُعتبر النيكوتين من المواد السامة، ويُستخدم بشكل أساسي في نبات التبغ الذي يُستخلص منه السجائر ومنتجات التبغ الأخرى، على الرغم من أن النيكوتين يوجد بكميات أكبر في نبات التبغ، إلا أنه يمكن العثور عليه أيضًا في بعض النباتات الأخرى، مثل البطاطا والطماطم والفلفل، ولكن بكميات ضئيلة مقارنة بنبات التبغ.

السجائر وكيف يؤثر التدخين على شكل الحمض النووي:

السجائر تحتوي على أوراق التبغ التي تحتوي على مواد كيميائية مسببة للإدمان تسمى “النيكوتين”، يستنشق المدخنون حوالي 7000 مادة كيميائية أخرى في دخان السجائر، هذه المواد الكيميائية تنتج عن احتراق أوراق التبغ، وبعضها يعد نشط كيميائيًا ويسبب تغييرات ضارة وخطيرة في الجسم، يحتوى دخان التبغ على أكثر من 70 مادة مسرطنة؛ بالإضافة لاحتواء السجائر على مواد سامة مثل الأمونيا والفورمالديهايد، وهي مواد تساهم في تهيج المسالك الهوائية العليا وعندما يحدث التهيج، يبدأ الأنف والجيوب الأنفية في إفراز المزيد من المخاط، مما يخلق بيئة تسمح للعدوى بالدخول بسهولة.

يوجد ارتباطًا قويًا بين سرطان الرأس والرقبة والتدخين، حيث يوجد حوالي 80% من حالات سرطان الرأس والرقبة ترتبط باستخدام التبغ مثل السجائر والأنانبيب والسيجار ، تؤثر المواد الكيميائية على الحمض النووي داخل الخلايا، مما يؤدي إلى إمكانية تحولها إلى خلايا سرطانية.  

تأثير التدخين على الأذن :

يعد التدخين من الأسباب الرئيسية لفقدان السمع، حيث أظهرت الدراسات أن التعرض لدخان السجائر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر يسبب تدهورًا في القدرة على السمع مع تقدم العمر؛ كما أظهرت الأبحاث أن المدخنين أكثر عرضة لفقدان السمع التدريجي مقارنة بغير المدخنين.

إن التعرض المستمر للسموم يمكن أن يُسبب تلفًا دائمًا في خلايا الأذن الداخلية التي تلعب دورًا رئيسيًا في عملية السمع، فالتدخين يؤثر بشكل كبير على السمع نتيجة المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر مثل أول أكسيد الكربون، النيكوتين، هذه المواد تضر بالخلايا السمعية في الأذن الداخلية، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في السمع مع مرور الوقت؛ كما يُسبب التدخين انكماش الأوعية الدموية التي تغذي الأذن، مما يقلل تدفق الدم والأكسجين إليها، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالطنين، وهو شعور سماع أصوات غير موجودة مثل الزئير أو الرنين.

التهابات الأذن الوسطى:

تُعد الأذن الوسطى من الأجزاء الحساسة التي تتأثر بشكل ملحوظ نتيجة التدخين، حيث يتسبب دخان السجائر في التهاب الأنسجة المخاطية المحيطة بالأذن الوسطى مما يؤدي إلى انسداد قناة “استاكيوس”، تعتبر قناة “استاكيوس” الرابط بين الأذن الوسطى والأنف، حيث تلعب دورًا كبيرًا في الحفاظ على التوازن الصحيح للضغط داخل الأذن، ولكن عندما يتعرض الشخص لدخان السجائر، يحدث خلل في حركة الأهداب المخاطية التي تساهم في تنظيف الأذن من المخاط الزائد مما يؤدي إلى تراكم المخاط داخل الأذن الوسطى والنتيجة حدوث ما يُعرف بـ”الأذن الصمغية” يتسبب في ظهور أعراض مثل الشعور بالألم، ضغط الأذن، وفقدان السمع المؤقت.

تأثير التدخين على الأنف:

يعد التدخين من العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبًا على صحة الأنف والجهاز التنفسي بشكل عام، حيث يؤدي إلى حدوث التهابات مزمنة في الغشاء المخاطي للأنف، مما يزيد من سماكة الأنسجة المخاطية، ويضعف القدرة على تصفية الهواء بشكل فعال؛ وذلك لأن المواد السامة في دخان السجائر تتسبب في تلف الأهداب، مما يؤدي إلى تراكم المخاط وتأخر في تطهيره، مع مرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى تراكم البكتيريا وفي النهاية حدوث العدوى.

 بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب التدخين في حدوث تهيج في الأنسجة المخاطية للأنف، مما يؤدي إلى زيادة الإفرازات المخاطية. عند فحص الغشاء المخاطي لحنجرة المدخن تحت المجهر، تظهر العديد من التغيرات التي تشمل تغييرات في تركيب الأنسجة وسمكها، إضافة إلى توزيع غير طبيعي للخلايا كما يمكن ملاحظة بعض الاختلافات في شكل الأنسجة المخاطية، وهو ما قد يمثل بداية لظهور أورام سرطانية في المنطقة.

تأثير التدخين على الجهاز الصوتي :

يعد التدخين سبب من الأسباب الرئيسية وراء فقدان الصوت بشكل تدريجي، فبجانب تأثيراته المعروفة على الرئتين والقلب، يعاني كلاً من الجهاز الصوتي والحنجرة ضرر بالغ.

تأثير التدخين على الحنجرة:

من أخطر الآثار الصحية للتدخين على الحنجرة هو زيادة خطر الإصابة بسرطان الحنجرة والذي  يعد أحد أنواع السرطانات نادرة الحدوث.يمكن أن يمتد سرطان الحنجرة إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الرئة أو اللسان إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه في مراحل مبكرة، وتشير الدراسات إلى أن المدخنين أكثر عرضة للوفاة المبكرة بسبب سرطان الحنجرة مقارنة بغير المدخنين.

كما يؤدي التدخين إلى حدوث تهيجًا في الحنجرة، مما يزيد من احتمالية حدوث التهاب مزمن، هذا النوع من الالتهاب يمكن أن يستمر لفترات طويلة إذا لم يتم علاجه، مما يعرض الشخص لمشاكل صحية مستمرة.   

تأثير التدخين على الأحبال الصوتية:

للتدخين  تأثير مباشر على الجهاز الصوتي، حيث أنه يمكن أن يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في الصوت والتسبب في ضرر طويل المدى للأحبال الصوتية، حيث تتسبب المواد الكيميائية السامة الموجودة في الدخان مثل النيكوتين في تهيج الأنسجة داخل الحنجرة والأحبال الصوتية، مما يؤدي إلى تلفها بمرور الوقت، ويمكن أن يتسبب الضرر في بعض الأحيان إلى فقدان الصوت.

 قد يبدأ المدخن في ملاحظة خشونة أو بحة في صوته نتيجة لتورم أو التهاب الحنجرة، كما قد يواجه بعض الأشخاص صعوبة في إصدار الصوت أو تغير في طبقة صوته، مع الوقت قد يصبح الصوت أكثر خشونة أو أقل وضوحًا، وقد تتزايد هذه الأعراض تدريجيًا لتؤدي في النهاية إلى فقدان الصوت بشكل تام.

في الختام، التدخين ليس مجرد عادة ضارة، بل هو هجوم مستمر على صحة الأنف والأذن والحنجرة، فكل نفس تأخذه يضر بصحتك وتعرض جسدك للدمار من الداخل، لا تنتظر حتى تصبح الأضرار غير قابلة للإصلاح وابدأ الآن بالابتعاد عن هذه العادة السامة.